سر الدعوة لإلغاء تدريس الدين بالمدارس......

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خدعة جديدة لصرف الناس عن الدين عقيدة وشريعة. وهي أن جمعيات أو روابط تسمي باسم رموز دينية في العلم والمعرفة وتنادي بإلغاء تدريس الدين بالمدارس. وهذا تناقض واضح بين الاسم والمسمي. إذ كيف يكون الاسم ذا علاقة وثيقة بالدين وتكون مهمة المسمي إغفال الدين ومنعه من روافد المعرفة الإنسانية. وإذا دل هذا علي شيء فإنما يدل علي جهل أصحاب هذه الدعوة بالدين ورسالته. أو هم يعرفون الدين ودوره في الحياة ومنبعه الذي جري منه إلي البشرية. ولكنهم ينحرفون عنه لأغراض في أنفسهم تريد الهدم للبناء الذي تعمق في النفوس وخرج إلي الحياة في صورة قيم يحيا عليها الناس ويقيمون مشروعات التعمير في الحياة. ومن الغريب أن جمعيات منها يتم تشكيلها في مصر بلد الدين من قديم الزمان. والبلد الذي ترتفع من أرضه جدران الأزهر الشريف الذي يعلم الدنيا كلها دين الله ويلتحق به طلاب يتقارب عدد الدول التي جاءوا منها من مائة دولة أو يزيد. وهذا الأزهر قائم فيها منذ أكثر من ألف عام يعلم الناس دين الله ولغة كتابه وينفتح علي العلوم التجريبية كما كان منذ قديم الزمان. وقد مضت علي مصر سنوات طويلة وليس فيها مدرسة سوي الأزهر ومعاهده. وبهذا الأزهر تتقدم مصر علي سائر الدول الإسلامية. ويلتحق به شباب من دول كثيرة من العالم ومن القارات كلها. ثم يعودون بعد أن يتموا تعليمهم إلي بلادهم يعلمون مواطنيهم فيها ما تعلموه في مصر ومن مصر من علم وأخلاق.
والدعوة إلي إلغاء تدريس الدين في المدارس دعوة جاهلية كانت سائدة قديما في كثير من الدول إلا في مصر التي قدست الصلة بالله - سبحانه - منذ القدم. والآثار الفرعونية تدل علي ذلك. وإذا كانت هذه الآثار منها ما يرمز إلي تعدد الآلهة فإن دعوة إلي التوحيد قامت فيها علي يد إخناتون. ونحن لا ندين بدين إخناتون وإنما نستدل به علي التفكير المصري الذي يسير علي خط مستقيم يسير مع فرع من فروع المعرفة الإسلامية الذي يقول إن معرفة الله تتم بالعقل وحدة. والحقيقة الكاملة تتم بالعقل والنقل معا وإلا ما كان الله - سبحانه - قد أرسل الرسل إلي الناس يدعونهم إلي عبادة الله وحده. وما كان الله ليؤاخذ الناس علي أعمالهم بالثواب والعقاب إلا بعد أن يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين. وكل هذا تأتي المعرفة به من تدريس الدين بالمدارس علي منهج يتدرج بالطفل من سنوات التعليم الأولي إلي سنواته العليا. وهم بعد التعليم العالي رسل هداية في الداخل والخارج ينشرون دين الله ولغة القرآن في العالمين. ولولا هذا الدور العظيم الذي تقوم به مصر لأقفرت الدنيا من هذا المعين الذي لا ينضب.
إن هذا القول الذي يدعو إلي إلغاء تدريس الدين في المدارس هو قول من لغو الحديث وفجاجة الدعوة. ذلك لأن تنفيذ هذا القول يحول المدارس إلي الشبه بالأرض الصحراوية التي لا تجد الماء ولا البذور التي تنبت بعد ريها ليجني الناس من أشجارها ثمارا يأكلونها ويعيشون عليها. ونحن في بيئة تحترم الدين وتعتنقه إيمانا وعملا منذ قديم. فإذا ألغينا تدريس الدين في المدارس فأين نتعلم هذا الدين. وقد يقول صاحب الدعوة اللاغية الفجة بتعلم الدين في دور العبادة. فعلينا أن نسأله: ومن يعلم هؤلاء المعلمين في دور العبادة أو من الذي علمهم من قبل؟! إن الإجابة تتضمن أنهم تعلموا علي أيدي معلمين في المدارس. ومن قبل كانت المدارس تتخذ أماكن متعددة يأوي إليها المعلمون والمتعلمون. وكانت المساجد إلي مدي قريب هي دور العلم للقاصدين. ولاتزال هذه المساجد تقوم بهذا الدور إلي الآن ففي مناهج الأداء بالمساجد درس يومي يقام بعد صلاة العصر أو بعد صلاة المغرب لتفقيه الناس في دينهم والإجابة عن الأسئلة التي يقدمونها ويستنيرون بإجاباتها علي طريق الحياة. وهذا بالإضافة إلي خطبة الجمعة وهي الدرس الأسبوعي العام حيث يؤدي الناس هذه الصلاة في جماعة حافلة. إلي غير ذلك مما يمكن أن يقال.
إن هذه الدعوة الهدامة التي تقول بإلغاء تدريس الدين في المدارس تهدم بناء الضمير الذي يقيمه الدين في باطن الإنسان ليحسن عمله وأداؤه. ومن العجيب أن هذه الدعوة يرفعها رجل يحمل إجازة الدكتوراه في الفلسفة. وشغل منصب الأستاذية في الجامعة وتعلم الشباب علي يديه. بل إني أذكر أنه دعا إلي مؤتمر عالمي أقيم في رحاب الجامعة التي كان يعمل أستاذا بها شهده علماء كثيرون من داخل مصر وخارجها سمعت فيه كلاما طيبا من صاحب هذه الدعوة في الإسلام الذي لا يدين به. فيا تري ما الذي حدث لعقله. هل ارتد عما دعا إليه من قبل أم هو يكشف عن جذور الإلحاد في قلبه وعقله وعطائه المعرفي؟!. وهذا سؤال إذا كان الكثيرون يجدون له إجابة عندهم. فإن الإجابة الأجدر بالمعرفة هي إجابته هو عن هذا السؤال.